أُمي حبلُ المشنقةِ ٓيرفُضني…


اسمه سمير و يلقب بالدينامو، يطلقون عليه هذا اللقب في حيه لأنه يجيد الدوران على رأسه. حلمه « يدوز فدوزيم « ، تخلى عن حلمه وتبع قلبه . رآها يوما بالسوق المجاور، ظل يتتبعُ خُطاها لسنين،ما فتئ يحصلُ على رقم هاتفها. ظن أنَّه قَدْ آمتلك قلبها، تمهَّل يا صاحْ!!! فتلك فقط أرقامٌ يمكن أن تتغير إن أزعجتها برائحة آهتمامك الزائد. بَاتَ يتحمل تجاهلها على رسائله، وعلى مكالماته. معركة شرسة نشأت بين قلبه وعقله، يتعاهد مع قلبه نهارا أن لا يعاود الكرَّة، أن لا يرسل الرسائل مرَّة أخرى، أبداََ. يُطأطِأ قلبهُ الرَّأس معلناََ الهدنة المؤقتة، تنتهي الهدنة مع غروب الشمس، يثور قلبهُ بالليل مرة ثانية. يتربص الملل بجسده. ينقض الملل أخيرا وقد نال من فريسته…
يصيح الجسد كفاكما شجارا إني سئمت اللعبة. تحاوروا في صمت فالليل خلق للراحة. يتراجع العقل لحكمته قائلا للقلب: ستندم. لا يكترت هذا الأخير، عديم المسؤولية مجرد طفلٍ، طفلٌ يعبث بكل أشياء المطبخ ليصل إلى علبة السكر التي أبعدتها عنه أمه فوق الثلاجة، ليس لغلاوة السكر ولكن خوفا على أسنانه.يبحث صاحبنا بين علب الأدوية عن بعض المسكنات ليطفأ نيران الشجار التي نشأت بين قلبه وعقله.يصيح: أريد أن أنام… ينام الجسد أخيرا، وعين العقل لم تنم. حكمة العقل تُشعره بالمسؤولية بات عليه أن يأخد باله على هذه الوديعة التي وضعت في ذمته، بعد أن تخلى الجسد عن السلطة وقدّٓم آستقالته طوعآٓ. يذكرني العقل بحنان أمي أخاصمها أنا، أتبرأ منها، وتعمل المستحيل لتصالحني.
يفيق الكل في الصباح، القلب معبوس كالعادة،أول شيء يقوم به يتفقد علبة الرسائل الإلكترونية، لم تجب! يتذمر، يبقى كئيبا،لا فطور اليوم، يدخل الجسد في إضراب مفتوحٍ عن الطعام وقد تبرأ من هاته اللعبة.جُلّ وقت النهار يمضي في التفكير، ناعورة العقل تدور بسرعة كبيرة تكاد أن تتوقف. يخاف العقل الحكيم على نفسه من التَّلفْ ، يتدخل بلطف مخاطبا القلب : لنتفاهم بحكمة أيها الحنون …يتصنع القلب الإصغاء.
يقول العقل محاولا إفساد صورتها في ذهنه حتى ينساها قليلا ويفكر في شيء أخر: أنظر إليها وآنظر إليك!! ما يعجبك فيها؟ عجوز، عانس بدينة، أنفها مُسطَّح، قامتها قصيرة، لاتحسن التصرف، رسبت في آمتحاناتها وسببها عنادها…وآنظر إلى قيمتك وجمالك أنت، أنت نبضنا ولولاك لماتت الحياة فينا … يظن العقل المسكين أن سكوت القلب علاماتُ الرضى!! آنتظر الليلٓ يا عقلُ ياحكيمْ ، لترى ثورة العشقِ …عندما ينام من على الأرض من حجر وشجرٍ فقط حينها تعال لتتفرج فأنت مدعوٌّ مسبقاََ… ، في الليلِ فقطْ، تصيرُ تلك التي نعثّٓها بالعانس البدينة، مسطحةِ الأنفِ…شابةََ نحيفةََ طويلةٓ القامةِ، تُحسن التَّصرفْ إلى أبعد الحدود وجمالهٓا كان سراً وراء كل نجاحاتِها.
بعدما حقَّقَت شركاتُ الإتّـصالِ أَضخمَ صَفقاتِهَا على حِسابهِ. وبعد أن جٓرّٓبٓ كُلّ عُروضِ مِدِيتيلْ ، وٓافقت أخيراً اللِّقاء به في الحديقةِ المجاورة لبيته وليس لبيتها … حتى لا يٓرْقُبٓها أٓحد إخوتها، لم تبالي به ،إن يلمحه أحد أفراده أم لا ؟ هذا ليس من شأنها.. هي لم تُرْسل الرّٓسائِل ولم تٓعْشقْ أحدآٓ و من يٓعشقُ يٓتحمّٓلْ…
بهدا الخبر أشعل القلب موسيقى الفرح في الجسد فبات هذا الأخير لا يبالي لا بأكل ولا بشرب. همه الوحيد أن يتزين بأجمل الحلل وأن يرتدي أرقى الثياب وأن يسطفي خيرة الألوان لِلِقاء العمر… أصيب العقل « بالجْلالة » فأصبح يقترح هو كذلك نوع العطر المناسب لِلِّقاء. ومِن متى يا عقلُ كنت تهتم بالمظاهر؟؟؟ عليك أن تبادر بعملية جراحية لإزالة الجْلالة وإلا أُصبت بالعمى الكلي… بات العاشق مستيقظآٓ حتى الصباح… لا أحد من أعضاءه آشكى لحد الأن الكل يُرشح فوز القلب بالرىئاسة وتعيينه قائدآٓ للجسد…
العاشرة صباحا، ها هي تأتي من بعيد.. لم تُتعب نفسها بالتأكد هل هو بالمكان المحدد ينتظرها أم لا ؟ فهي قد رٓأتهُ يمر من أمام منزلها على الساعة السابعة، بعد أن آستيقظت لتُقفل بابٓ البيت وراء والدِها العٓرْبي، أمينُ سوق المدينة القديمة. تتقدم مُصٓعِّرةٓٓ خّٓٓدها وقد آنْتفخت أٓوْداجُها… ولها الحقُّ في ذلك ، فهي لم تعشقْ أحدا لتتواضع ومن يعشقُ يتحملْ…
تجلس هي كالملكة يبقى واقفا ولو لم تسمح له بالجلوس ما جلس، ينظر إليهم المارة من باب رياضة العين،وغرابة لقاءات الصباح.. غريب لقاء الصباح هذا!!! يروا جلوسها هي ووقوفه هو ذلا ودوسا على كرامته، تراه بعض الُمسنات سِحرآٓ، وتراه عينٓا العاشق حُلْما قد تحققْ. فتبّٓٓا لعينٍ بات حلمها لقاءُ شخصٍ لا يهواها. وتبا لكل جسد حلمه « بغا يدوز فدوزيم » …
جلس ثم نظر إلى عينيها وأراد أن يبدأ حلقته الأولى من مسلسل العشق الممنوع، تمهل يا صاح !!! قامت معه بمحضر خفيف،شيء من السين والجيم، من أنت؟ من أين حصلت على رقم هاتفي؟ ماعملك؟
تجاهلته أكثر لما علمت أنه ساعي بريد، علمت أخيرا مصدر كرمه،مصدر الكمِّ الهائل من الرسائل التي كانت تصلها.آستعملت حدسها ثم أرسلت سيالة عصبية إلى آلة حساب عقلها الذي لازال يعمل بجد، طلعت لها النتيجة في ثانية واحدة،النتيجة جد متواضعة، ولن تأهل العاشق للدور الثاني. ساعي بريد +المنزل+ السيارة+ المجوهرات في مدة وجيزة = مهمة مستحيلة… تغيرت ملامحها إلى السلبية من طبيعة الحال. الأحمق يضحك يتبسم، يظن أنه قد ملكها. أريد أن أعرف فقط و بصدق ، من هذا الذي أخرج إشاعة أن السكوت هو علامة الرضى؟ تتفرج عليه وهو يحاول إرضاء ها بأساليب يدوية قديمة، متواضعة.بدأ يظهر كقرد صغير… تقاطعه بملامح وجهها تمهل يا صاح !!! نحن في عصر العولمة ماذا أعددت للقاء الغد؟ متى سنطير إلى بلاد العجائب، لأتعرف عليك جيدا؟؟؟ ماذا تملك غير بركان الحب هدا؟ بدأت عضلات وجهه تتقلص لتعود إلى حالتها الطبيعية، أقصد تلك الحالة قبل أن توافق على لقاءه. يستيقظ العقل وقد شفي بعض الشيء من الجْلالة، آتضحت الرؤية شيئا فشيئا.. آستيقظ بعد أن غفت عيناه فجأة من شدة السهر!! آستفاق ليجد الأبله كالقرد الأليف بالحديقة المجاورة لبيته ، » مُحْمّٓادْ » صاحب الدكانة الصغيرة، الحدّاد، بائعة خبز القمح، صاحب الطاحونة… الكل ينظر إليه وهو لا يبالي ، أعلن الحرب عن حيه لينصر حُبّٓه.يحاوِلُ العٓقلُ أن يحاوره قائلا أفعلتها حقاً؟ ظننتك فقط تمزح؟ماذا تفعل هنا؟ أما آتفقنا قبل يومين أنك ستعتزل هذا الحب؟ يتدخل الجسد قائلا: صحيحٌُ أنني قد آعتزلتُ اللعبة لكني سأقول كلمةٓ حق…دعني أُذٓكرك فقط يا عقلُ أنك شربت حتى الثمالة ليلة البارحة و أنت من سمح له بآستكمال اللعبة، صحيح قبل يومين كنتٓ ضده ولكنك البارحة قد وافقته الرأي، حتى أنك أنت من آختار له عطر الياسمين هذا الدي يضعه على قميصه الوردي.. ينظر القلب نظرة الطفل المعٓاتٓبِ بعد كسره شيئا غاليا،خوفا من عقاب أمه…. يصرخ العقل في وجهه : لم يعد ينفع معك التفاهم باللتي هي أحسن، أضٓفت الغدر إلى صفاتك المذمومة اليوم، قمت بتنويمي مغناطيسيا لتنفرد بنفسك كالقرد وتضع نفسك في قفص الحديقة المجاورة لبيتك مع هاته الفاشلة، والكل يولول والكل ينظر، غداً ستتركك البدينة ، ستتحتاج لعظة خبز.. ستحتاج لدرهم حلال.. فلا صاحبة الخبز ستقرضك خبزا، ولا صاحب المطحنة سيعطيك قمحا ولا الحداد سيلقم جراحك، فقط لأنك قد خسرت ماء وجهك ولا أحد سيحترمك بعد الأن …
تختلط الطرق من حول المجنون يظل ينظر إليها…. اتضح كل شيء، العانس لا تريد حباََ بل تريد تعويضاََ، تريد ثمن السنين الثي رمت بها في صف العوانس وهي تنتظر…يقول الأبله لها بكل ما أوتي من قوة: أكرهك. و كثثثثثثثثثثثثثثثثثثير من الحب وراء هاته الكلمة…
تتلقى هي هاته الكلمة ببرودة، ولولا أن كان مُحْمادْ مشغولا بالتحديق لهما، لصفعته صفعة مدوية يسمعها فرس النهر.ليس لأنه يكرهها لكن لأنها ضيعت ساعتين من وقت نومها اليوم. ينتابه الندم ولم يمضي على نطقه بالكلمة إلا خمس ثوان..لا تقلق يا صاح ! فهي لم تفهم كلمة الكره هاته إلا بمفهومها الأولي، ولا تريد أن تتعمق في معجم الألفاظ لتصل إلى ما تريد أن تعيه أنت بقولك . فكلمة أكرهك تعني أنني أغيضك ولا أريدك … فآذهب إلى الجحيم فهي لا تحبك ولم تضحي قط من أجلك، أتت إليك مشيا بدون عناء مواصلات، وحتى بطاقات الشحن أنت من كان يرسلها لها لتجيبك، آشتريتٓ الوهم لتعيش لحظاتا جميلة، الواقع مر لكنه أجمل أحيانا. فانطرد من وجهها فهي أصلا لم تعشق أحدا،ومن يعشق يتألم… يرجع المسكين باكيا في الطريق، لم يبقى له إلا جسده . يضرب سلة القمامة بقدمه حتى تتطاير أشلائها. تتقزز أعظاءه من رائحة المخلفات، تتمرد عليه أخيراً الكل أصبح ضده : أنظر ما صنعتٓهُ بنفسك و بنا يا أناني ، تمنُّ علينا بدقاتك لتمرغ وجهنا في التراب وتذلنا معك فما ذنبا نحن ؟ يقرر قرارا بليدا كالعادة يخرج من جسده معلنا أنه آعتزلهم جميعا ولن يزود أحدا بعد بقطرة من الدم. إما أن يحيا بما يريده هو و إما أن يموت الجميع.. ينفصل عن جسده، يقصد وجهة البحر تتبعه باقي أعضاءه ليس ذلا ولا حبا فيه ولكنها اعتادت على نبظاته لتعيش. أقول أنا هدا هو الحب الحقيقي !عندما يقع القلب في حب جسده فلا يعذبه أبدا من أجل جسد أخر لم يكتب له.
المهم خرجت الأمور من زمام العقل المدبر، القلب أصبح مجنونا. تجري كل الأعضاء وراءه. يصيح العقل: ها نحن نقترب من البحر فأنطقوا بالشهادة، إذا خسرنا الحياة لعلنا نكسب المماة على الأقل ، نموت نحن مسلمين ويموت وحده كافرا…
يقف الجميع أخيرا يقول العقل: أنظروا إليه كم يبدو أصغر من حبات الرمل تلك، فقدٓ كل شيء والأهم كرامته و عزته، غدٓر بأعضاءه، أتركوه ليبكي فدموعه لن تزيد ولن تنقص من البحر شيئا … يغمى على الشرايين..
يجد القلب نفسه وحيدا ليعانق جسده من جديد، يتأسف من الجميع، يقول له العقل أطلب العفو من شرايينك أولا، فهي أقرب الناس إليك، وهي أول المتضررين …
يعود العاشق وقد آجتمع بأعضائه من جديد،تصالح الكل لكنهم لا يتكلمون بعد، الأمر عادي.. يلزم شيئا من الوقت للتأقلم… تصله رسالة هاتفية و هو في الطريق، فرَحٌ بطٓعمٍ الخوفِ ، وتبدأ الفرضيات : ربما هي !! ندمت على فعلتها!! وتريد أن تعتذر…يهمس العقل : وهل يفيد الإعتذار للميت؟؟ يقول العاشق ولم يتب بعد: عذرها مقبول.. !!! فوالله إني لا أكرهها و لن أكذب على نفسي.. يتحسس هاتفه ويده ترتعش .. يفتح الرسالة ليجد أصدقاءه أصحاب مِديتيلْ آشتاقوا لزٓبونٍ وٓفِيٍّ غاب عنهم اليوم لساعات. يُذٓكرونه بعروضهم الجديدة: الرقم المفضل، ثلا ت ساعات من المكالمة داخل الوطن وليس خارجه ، مائة رسالة نصية مجانية. الخطوط مفتوحة مجانا بعد التامنة ليلا… شيء من الإغراء.. علم أخيراً مٓن حرضه على كل هذا وزٓجّٓ به في قفص العشق. يغضب، ثم يقرر لأول مرة أن يكون زبونا عاقا، يجيب الشركة في رسالة نصية يكتب لهم: لقد آعتزلت الحب. ماعدت أُحِبُ و ما عدت أُحٓبُّ وعروضكم لم تعد تغويني لقد خسرت الرقم المفضل .. لا مجيب طبعا… يقرر وضع هاتفه خارج الخدمة…
يقف لوهلة ليقرر ما سيفعله ببقاياه ؟ أيتخلص من الجثة أم ماذا؟؟ يسرح وسط دوامة من الأفكار ، الرجوع إلى الحي ! أبناء الحي ! دكاكين الحي! ماذا فعلت؟ أين كان عقلي؟ … يدخل إلى البيت وليس كما قد خرج منه في الصباح. سواد في سواد في سواد الفؤاد فارغ من ذكر الله ، تعلق بالمخلوق فأهمله الخالق. يفكر كالمجنون ، مسلسل سنوات الضياع آنتهى، لاأحد يعلم أهي النهاية أم بداية لمسلسل قادم. تأتي له أمه بكأس شاي .. يبرد الشاي في مكانه .. تتجاهل حالته و تسأله عن المهم : هل وقّٓع مدير البريد طلبك للرسمية في العمل اليوم ؟ .. يجيب:لم يأتِ المدير اليوم.. يهمس العقل:كفاك كذبا على أمك فأنت من غبت اليوم عن العمل..!!! تتوسل الأعضاء للعقل بأن يتستر عنه ، الكل منهك ، ثم إن الشرايين مريضة ، نائمة ولا داعي لإزعاجها… يدخل العاشق غرفته، يحاول النوم، يتظاهر بالنوم، يتقلب يميناً،يسارا، يستفيق، ينظر إلى الساعة العاشرة ليلا. يتدمر قائلا : العاشرة فقط!!! يأخد هاتفه يعيد تشغيله ، ينتظر رسائل العلبة الصوتية….. لا رسائل … ساعي البريد أصبح ينتظر الرسائل ؟؟؟؟ أما كنت أنت من يوصل الرسائل؟ تبا مرة أخرى لعمل لم تظهر أثر نعمته على صاحبه… النوم مستحيل الليلة الكل يعرف ، أنانية معهودة إن يفرح أو يحزن سيبقى الكل مستيقظا… تستعد أمه للنوم . يقرر العاشق الخفاش، الصعود إلى سطح البيت يجر ورائه ما تبقى منه من كرامة. يطل محاولا رصد منزلها متتبعا الأزقة و الشوارع بعين واحدة حتى لا يصاب بالحول . فهي لا تبعده كثيرا، تتخيل له كل أضواء البيوت بيتها، وأي صوت نسائي صوتها، يراها في كل نوافذ الجيران، هناك في الضفة المجاورة تجلس بين عاىئلتها وهو لوحده يتألم،السماء من فوقه و أعمدة حبال الغسيل من حوله… يتكأ على حبل غسيل أصفر علقته أمه لنشر الغسيل… يتذكر كل ما مضى به في يومه هذا … يرمي بهاتفة بعيدا… لا عنآٓ إياه بالعقيم ،لم يعد يأتي بالرسائل… يحس بالخدول ، يحس بالفشل،تنطبق عليه أغنية مسعود ، متعوسلا أحد يحبه، لا أحد يساعده، حتى مدير البريد رفض قبل يومين طلبه للرسمية في العمل بسبب آنطوائه و حجبه لابتسامة الصياح، لن يستفيد وأمه من الضمان الاجتماعي كباقي العمال. فشل في الحب الذي كان يبعث فيه بصيصا من الأمل..تدور عجلة سنينه أمامه في دقيقة ، يتذكر رسوبه في الثالتة إعدادي أربع مرات بما في ذلك طلب الإستعطاف وفي الباكالوريا حتى قاموا بطرده …جرب كل شيء ولم يفلح في شيء ولم يبقى له إلا الموت، مات بعضه لكنه لم يجرب الموت الكلي بعد… . لم يجد وقتا لذكر الله ولا للإستغفار، لم يعد يُأمن بالمعجزات. آلسماء سوداء، الليل، العتمة، قلبه ضباب أسود. النّٓفسُ يطلع بعناء ليصل لأعضاءه .آنقطع الأكسجين عن العقل، دق هذا الأخير طبل الاستسلام رافعا الراية البيضاء قائلا: آستقلت يا قلب فلم يبقى إلا أنت والليل لك القرار أخيراً ، وإن لم تستحيي فآصنع ما شئت بنفسك…القلب ،الجبان أول مرة تتاح له فرصة القرار… دائماً يختار الحلول السريعة ولا يتمهل ، يقرر أخيراً أن يٓمْدُدٓ بحبل من السماء..
حبل الغسيل الأصفر، مازال يمسك به بثبات، يتأكد من سمكه… يأتي بألة حادة و ظعتها أمه في أحد جنبات السطح آستعدادا لعيد الأضحى، يقطع الحبل ثم يأخد قياس رقبته ويعقد ربطة عنق متينة. يتركها مفتوحة يعاود قياسها على رقبته، كل شيء على ما يرام.يصل خبر موت الشرايين كالفاجعة.. ينشغل باقي الجسد بالبكاء على موتها ، يواصل العاشق عمله بتعليق الحبل بأحد أعمدة « البارابول »، يأتي بصندوق خشب صغير يضعه تحت الحبل البعيد شيئا ما عن الأرض لتتمكن رقبته من الإستقرار داخله. غريب أمر سمير هذا لم يخطط قط في حياته بقدر ما يخطط اليوم لمماته…
يضع العاشق الخطوة الأولى ثم التانية ليقترب ببطئ من الحبل. يتبسم لأول مرة سينجح في صنع شيئ دون أن يخطأ المقاس. غاب العقل فغاب التفكير طبعا لامجال للحديث معه عن رحمة الله بعبده، وعن الصبر و الأجر من هدا وأن الله سيعوظه بخير من ذاك… عميت البصيرة، جحد عشرة نفسه،يظن أنه إن مات سينتهي كل شيء… الله أعلم وربما ستكون بداية أخرى.. بدايةٓٓ لمعيشة ظنكاء أبدية… يحاول العاشق وضع الحبل على رقبته، يتعنث الحبل قائلا دعني وشأني… دعني عنك فأنا حبل غسيل شريف ولست مجرما، وإن كنت تريد الموت فأقتل نفسك بيدك. فأنا ألِفت هواء السطح ولا أقوى على رائحة السجن، وجسدي نحيف. أنا والجلاد لن نتفاهم…
يظن العاشق أن ما سمعه من الحبل هو بداية الجنون خصوصا بعد آنسحاب عقله من اللعبة. يرجع ليعاود الكرة، يجُرُّ الحبل تانية باتجاه عنقه، يضيف الحبل: فلتتمهل يا صاح !! عِشت في الذل الكل يرفضك، لم تكن لك فرصة لتختار حياتك، حصلت على فرصة أخيراً لتختار موتك، فلتمت بكرامة ولْتعتمد على نفسك في قتلها. عيد الأضحى قريب وسأُقدم لنفسي ما طاب من الأضحية.. أرجوك أن تدعني وشأني، لن أقبل برقبتك قربانا لي، أنا حبل غسيل وتلك الملابس التي رميت على الأرض هي لك، غسلتها لك أمك، علقتها فوقي صباح هذا اليوم وهي تعلق آمالها عليك، علقتها وهي تقول سيتم ترسيم آبني اليوم في العمل ، سنحصل على بطاقة تغطية أخيرا كجارتي السعيدية،وسأقوم بعملية جراحية على صمام قلبي، سأتنفس بحرية من جديد وسأتحرك من دون عناء، تم دعت لك بأن يحفظك الله لتأتيها سالما… ماذا لو صعدت فجأة وظبطتني أخنق آبنها الوحيد، ذاك الذي تنتظر منه الخلاص… ؟
تراجع الجبان قليلا… يضيف الحبل مانحآَٓ إياه فرصة جديدةٓٓ للإنتحار: إذهب وآطلب الإذن من أمِّك، وإِن وافقت تعال بين ذراعي لتنتحر…

أسماء المدير

3 réflexions sur “أُمي حبلُ المشنقةِ ٓيرفُضني…

Laisser un commentaire